الأربعاء، 10 مارس 2010

شهر يار و ساره زاد

شهر يار و ساره زاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد حفل عظيم شهده الأهل و الأصحاب ، ما ندرى أكان حفل بهيج يجمع الأحباب أم هو يوم تأبين لحلم قد غاب . إنصرف المهنئون بعد تناول ما لذا وطاب ،وأقبل شهريار إلى مليكته العروس الجديدة ساره زاد مبتسماً فهى ليلة لا يألف فيها هم أو زعل، أما هى فهو يوم نهاية العمر و بداية لما هو مجهول ...

تقدمت نحوه و جست على قدماه فأبتعد متشككاً فى نوايها ...
شهريار: ماذا تفعلين يا ساره زاد ؟
ساره زاد : مولاى كنت ألتمس البركة ،أولست اليوم زوجاً لى ؟
و أردت أن أطرب سمعك بحكاية فعساك تحب الحكايات ...
شهريار: لا...لا أحب حكايات النساء فكلكن سواء.
ساره زاد : أترانى مثلهن يا مولاى ؟
( يجذبها بقوة من ذراعها ) .
شهريار: و لما تظنى نفسكى تختلفين عنهن ؟
ساره زاد: لأنك اليوم تخاطبنى و تمهلنى حتى الصباح...
شهريار : ما يمنعنى أن أمر بقطع رقباتك الان ؟
ساره زاد : لأنك يا مولاى ما تفعلها دون ميعاد ؛ فقط إمهلنى بضع ساعات ... بل لحظات من السعادة ،أوليس هذا يوماً تتمناه كل الفتايات ؟!
شهريار: أكملى أذن الحديث ..لقد قلتى حكاية ، أن حديثك هذا أصابنى بالكأبة.
ساره زاد : مولاى الحبيب ذو الرأى الرشيد يحكى أنه كان غلام بسيط الحال يعيش فى زمان تطير فى الطائرات و كأنها بساط الريح يحمل مئات الركاب ...ألتحق صاحبنا بكلية العلوم بعد أن نجح فى الثانوية العامة بمجموع و كان له أخان أحدهما ضابط شرطة و الاخر طبيب بالمستشفى العام ...
شهريار : ما هذا أيتها الخرقاء ؟ما هذا الزمان ؟
ساره زاد : أتى على الانسان زمان يكون هناك شيئا يسمى مدرسة حيث يُدرس المواد و العلوم و الفنون ...غير أنها أصبحت عقيمة بعد أن كانت يوما من أحدث العلوم و نور للمعارف ...المهم يا مولاى أن الغلام تدرج فى صفوفها حتى وصل الى نهاية المطاف صار خريجا حديثا من كلية العلوم قسم الفيزياء النووية ...
شهريار: ما هذا العلم يا ساره زاد ؟ حديثينى عنه ؟
ساره زاد :إنه أحد العلوم الحديثة التى شهدها إنسان ذاك الزمان ...علم يُنتفع به أو يدمر به ...
الفيزياء النووية تستعمل في كثير من حقول المعرفة ، كالطب ،والصناعات، و الجيولوجيا ، والإلكترونيات ، وفي الفضاء ، و الآثار ، وفي التعقيم ، وغيرها الكثير و الكثير من الإستخدامات..تلك الفيزياء النووية أصبحت في ذلك الزمان ضرورة للعالم المتطور ، فقد أصبحت إحدى الأسس الكبرى لبناء المستقبل ، نظراً لما توفره من أمكانيات جبارة .ولكن للأسف أستخدمت الفيزياء النووية فى صنع القنابل و التدمير.و كلما كنت ذو سلطان و نفوذ تصير القوى بيديك تبطش بها من تشاء ....
شهريار :(فى غضب) أجُننتى ... ماذا تقصدين؟
ساره زاد: ما قصدت شيئا يا مولاى ...غير أن تلك العلوم المتتطورة تحدث جدلا و نزاع بين الشعوب و الحُكام ...سأكمل الحكاية يا مولاى ...بعد أن تخرج الغلام بتقدير جيد صار يبحث عن عمل ليل نهار ؛يذهب الى حيث معامل التحليل و معاهد الابحاث و ما من جدوى من البحث ...أما حبيبته فلم تطق الإنتظار و تزوجت من معيدها ابن زوجة العميد ؛هو شاب لديه إمكانيات و كما يقول أهل ذلك الزمان "جاهز من مجاميعه "...بعد أن نال من المساعدات الكثير و حصل على فرصة عمل فى إحدى دول الخليج البنغالى ....

و كان لأخوايه شأن أخر ...أما الضابط فكان قوى البنية شديد الطلعة لا تعرف إن كان حزين او فرحان ..كان يذهب كل يوما إلى حيث يعمل بقسم الشرطة حيث يتلقى شكاوى الشعب ...و هناك ترى اللصوص و المتهمين و الجناه ...هناك من المجرمين درجات فمنهم "الهاى كلاس.".. هناك يا مولاى يُجبر المتهمون على الإعتراف و يتبع معهم أسواء الأساليب و أشد العقاب ...
شهريار : ما كل هذا ؟ إنه زمن العبر؟
ساره زاد : صدقت يا مولاى ...فهناك القانون يطبق على الغلابة و من ليس لهم معارف ذو نفوذ يحتمون بهم أو يلجئون إليهم عند الحاجة....
شهريار : ماذا حدث بعد ... فقد أوشك صبرى على النفاذ...
ساره زاد : مولاى ألا يعجبك حكى و كلامى ....
شهريار: نعم لقد أصبتنى بهم كبير و جعلتنى أفكر فى حال الرعايا ...
ساره زاد : أحقا ...إذان لأكمل ما قد بدأناه فلم يبقى على النهاية سوى القليل ...
أعطاها شهريار الإذن بأشارة من يديه و جلس إلى جوارها منصتا لما تقول ...
ساره زاد : فى يوم من الايام تلقى ذلك الضابط بلاغا بأن إبنة اللواء فلان العلانى قد كسرت أشارة و صدمت سيارة موظف على باب الله .
شهريار : موظف على باب الله !
ساره زاد:نعم يا مولاى ...إن لقب موظف و هو لقب شرفى لكل مواطن محدود الدخل ... يقود سيارة بالتقسيط و يسكن فى شقة بالايجار...
شهريار : أكملى ...
ساره زاد : تلك الفتاه الجميلة البريئة نزلت عن سيارتها بمنتهى الذوق تحى الموظف و تطلب منه بمنتهى الإحترام أن يقبل التعويض بعد أن فرجت عليه أمة لا إله إلا الله و إتهمته بأنه الغلطان ...و أنه أعمى أصاب سيارتها " البى. أم . دابليو" . بخدوش من الامام ...أما المسكين فقد رفض التعويض و ظل يردد" حسبى الله و نعم الوكيل" ..فصرخت فيه و أظهرت اللون الحقيقى لأوالاد الثعابين ...و قالت " أنا أبنة فلان العلانى يا أبن تيت تيت و هو هيخاليك تبوس الايادى علشان تأخد التعويض"...كل هذا لأن صاحبنا لم يقبل التعويض و أراد أن يتبع الإجراءت القانونية و يعمل بالمثل اللى بيقول ..."مفيش حد فوق القانون" .

شهريار : أهكذا أخلاق بنات الجيل ؟
ساره زاد: لا يا مولاى ...أنها و احدة من أبناء رجال الامن و حاشية السلطان الفاسدين من يستغلون نفوذهم و يداوى أخطائهم على حساب الأخرين فأصبح ما من شئ يهمهم ...
و تكمل الحديث ...
ساره زاد : أما الاخ الطبيب فهذا ياعينى غلبان بعد أن أضاع من عمره سنوات و سنوات حتى يتخرج من كلية الطب ،عمل بالمستشفى العام ...فرأى ما لعين إنسى تقبل؛ مناظر تشيب لها الرأس شيبا ...أول ما رأه حالات القصر العينى و مدى الإهمال و المعانة...حالات تموت بسبب تقصير الممرضات و أخطاء الأطباء ...حتى أن طفلا يا حول الله قد تلقى ضربات من معلم الفصل فلقى الصغير مصرعه بين يد معلمه الذى أودعه تلك المستشفى ..فإذا بالطبيب يرى كيف يتم التلاعب بالتقارير حتى تخفى الحقيقة خشية على مستقبل المعلم الشاب ...
شهر يار : كل هذا يحدث فى زمن و احد ...ما بال الإنسان ؟
ساره زاد : الغريب يا مولاى أن الجميع يرجع السبب إلى نقص الاموال و ضيق العيش و أنه عيب الحكومة و الزمان ...
شهريار : نعم هذا غريب بعد الذى قلتيه... حبيبتى ساره زاد إن الفجر قد لاح و أدركتى الصباح ...لكنى عاهدت نفسى الابقاء على حياتك بعد ما أنرتى عقلى بحكايتك ..غير أن هناك شيئا محتوم ...
هنا نادى على مسرور السياف .
شهريار : يا مسرور أقطع لسان زوجتى المصون و أبقى على روحها .. فهذا حل يرضى جميع الاطراف ...

تمت
Thursday, October 30, 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق